إسرائيل تسرب وثائق تكشف خطط “حماس” لتدمير ناطحات سحاب وشن هجمات معقدة باستخدام القطارات والقوارب
كشفت تقارير إعلامية أمريكية، من بينها وول ستريت جورنال ونيويورك تايمز وواشنطن بوست، عن ما وصفته بالوثائق السرية التي حصل عليها الجيش الإسرائيلي بعد عملياته في قطاع غزة. هذه الوثائق، وفقًا للرواية الإسرائيلية، تسلط الضوء على خطط متقدمة لحركة “حماس” لشن هجمات واسعة النطاق ضد إسرائيل، باستخدام تكتيكات غير تقليدية تشمل تدمير ناطحات السحاب، والاعتماد على القطارات والقوارب وحتى العربات التي تجرها الخيول. كما تشير الوثائق إلى سعي “حماس” للحصول على دعم مالي وعسكري ضخم من إيران لتنفيذ هذه الخطط.
الوثائق والتسريبات: تفاصيل هجمات مخططة أكبر من 7 أكتوبر
الوثائق التي زعمت إسرائيل العثور عليها تتضمن عشرات الصفحات التي تقدم رؤية أوسع وأشمل حول الهجمات التي كانت “حماس” تخطط لتنفيذها في 7 أكتوبر 2023، وهو اليوم الذي شهد أكبر هجوم على إسرائيل من قطاع غزة في السنوات الأخيرة. وعلى الرغم من أن الهجوم كان واسع النطاق وأسفر عن مقتل 1,100 إسرائيلي وأسر 250 آخرين، إلا أن الوثائق تشير إلى أن “حماس” كانت تطمح لتنفيذ خطط أكثر جرأة وأكبر في حجمها.
وفقًا لتقرير واشنطن بوست، تتحدث الوثائق عن خطط لتدمير ناطحة سحاب في تل أبيب، بشكل مشابه لهجمات 11 سبتمبر 2001 التي استهدفت مركز التجارة العالمي في نيويورك. وأشار التقرير إلى أن “حماس” كانت تضغط على إيران لتقديم الدعم المالي والتدريبي اللازم لتحقيق هذه الرؤية الكبيرة. كما تضمنت الوثائق تفاصيل عن هجمات باستخدام وسائل غير تقليدية مثل القطارات، والقوارب، وحتى العربات التي تجرها الخيول.
خطط “حماس” لتدمير ناطحات سحاب وتكرار سيناريو 11 سبتمبر
إحدى أبرز التفاصيل التي كشفت عنها الوثائق هي محاولة “حماس” تدمير ناطحة سحاب في تل أبيب، في هجوم يهدف إلى تكرار السيناريو المدمر لهجمات 11 سبتمبر. الوثائق تشير إلى ناطحات سحاب مثل برج موشيه، المكون من 70 طابقاً، ومجمع أزريلي، باعتبارها أهدافًا رئيسية يجب تدميرها. وقد ذُكر أن “حماس” لم تكن متأكدة من كيفية تنفيذ تدمير تلك الأبراج الضخمة، لكنها كانت تبحث عن آلية لتحقيق ذلك.
إحدى الوثائق الأخرى التي وصفتها الصحف الأمريكية تتحدث عن السيناريوهات المتاحة لتدمير هذه الأبراج، وكيف سيكون لهذا تأثير نفسي ومادي كبير على إسرائيل، مشابهة للأزمة التي مرت بها الولايات المتحدة بعد هجمات 11 سبتمبر. تقول الوثيقة: “إذا تم تدمير هذا البرج بطريقة ما، فسيواجه العدو أزمة غير مسبوقة”.
القطارات كأهداف للهجمات: “قنابل متحركة”
تظهر الوثائق أيضًا خطة لاستخدام القطارات كوسيلة لنقل المقاتلين والمتفجرات لتنفيذ هجمات كبيرة داخل المدن الإسرائيلية. من بين المقترحات، استغلال خطوط السكك الحديدية التي تُستخدم لنقل الوقود، حيث كانت “حماس” تخطط لتفجير القطارات عند دخولها إلى المدن الإسرائيلية، مما يجعلها “قنابل متحركة”. تم ذكر خطوط السكك الحديدية كهدف سهل يمكن استغلاله بسبب حمولات الوقود الكبيرة التي تنقلها، والتي قد تؤدي إلى انفجارات هائلة.
استخدام وسائل بدائية: عربات تجرها الخيول وقوارب للصيد
وفي واحدة من أكثر الخطط غرابة، تشير الوثائق إلى خطة “حماس” لاستخدام عربات تجرها الخيول لنقل المقاتلين والأسلحة عبر التضاريس الصعبة، في هجوم مستوحى من وسائل نقل بدائية. الوثيقة تصف العربات بأنها وسيلة “خفيفة وسريعة”، يمكنها التحرك بسهولة عبر التضاريس الوعرة التي يصعب على المركبات الحديثة اجتيازها. وتقول الوثائق إن هذه العربات ستكون بديلاً فعالاً للدراجات النارية التي استخدمتها “حماس” في الهجوم الذي وقع في 7 أكتوبر.
كذلك، تضمنت الخطط تحويل قوارب الصيد العادية إلى قوارب هجومية سريعة لنقل المتفجرات والمقاتلين إلى الموانئ الإسرائيلية، وهي خطة وصفت بأنها “آلية ناجعة” لتنفيذ هجمات بحرية على إسرائيل.
طموح “حماس” لتوسيع الهجمات من عدة جبهات
تشير الوثائق إلى أن “حماس” كانت تطمح إلى تنسيق هجوم مشترك ضد إسرائيل من عدة جبهات، بمشاركة جماعات مسلحة متحالفة من الشمال والجنوب والشرق. وكان الهدف من هذا التنسيق هو إرباك القوات الإسرائيلية وتعطيل قدرتها على الرد بشكل فعال على الهجمات.
في هذا السياق، قدمت الوثائق عرضًا توضيحيًا مفصلًا يتضمن خرائط ورسوم بيانية عن مواقع استراتيجية في إسرائيل، مثل القواعد العسكرية والمراكز التجارية، كأهداف محتملة للهجوم. وتشير إلى أن “حماس” كانت تعتمد على قاعدة بيانات ضخمة تضم أكثر من 17,000 صورة تم جمعها من صور الأقمار الصناعية ووسائل التواصل الاجتماعي، لتحديد المواقع المستهدفة بدقة.
إيران ودورها المزعوم في دعم خطط “حماس”
تظهر الوثائق أن “حماس” كانت تسعى للحصول على دعم مالي وتدريبي من إيران لتنفيذ هذه الهجمات. وردت في الوثائق رسائل موجهة إلى كبار قادة إيران في عام 2021، تطلب فيها “حماس” مئات الملايين من الدولارات لتمويل وتدريب 12,000 مقاتل إضافي. ومع ذلك، لم يكن من الواضح ما إذا كانت إيران على علم بتفاصيل هذه الخطط أو ردت على هذه الرسائل، لكن مسؤولين إسرائيليين يرون أن الطلبات جزء من جهد أكبر من جانب “حماس” لجر إيران إلى مواجهة مباشرة مع إسرائيل.
ردود فعل إسرائيلية وأمريكية على الوثائق المسربة
الوثائق التي يدعي الجيش الإسرائيلي أنه صادرها منذ بدء غزوه لغزة في 27 أكتوبر 2023، تأتي في وقت حساس بعد تصاعد التوترات بين إسرائيل وإيران. ففي الأول من أكتوبر، أطلقت إيران أكثر من 180 صاروخًا باليستيًا على إسرائيل، ردًا على اغتيال حسن نصر الله، الأمين العام لـ”حزب الله”، في 27 سبتمبر.
وفي لقاء مع قادة يهود في البيت الأبيض، أكد الرئيس الأمريكي جو بايدن مجددًا دعمه لإسرائيل وحقها في الدفاع عن نفسها ضد “حماس” و”حزب الله” وإيران. كما أعرب المسؤولون الأمريكيون عن قلقهم من صحة هذه الوثائق وأهمية مراجعتها بعناية.
التشكيك في صحة الوثائق ورد “حماس”
بينما تؤكد الصحف الأمريكية على مصداقية الوثائق بناءً على تصريحات مسؤولين إسرائيليين، يبقى هناك تشكيك في صحتها من قبل بعض الأطراف. صحيفة واشنطن بوست أشارت إلى أن وكالات الاستخبارات الأمريكية اطلعت على بعض الوثائق، لكن لم يتم تأكيد صحتها بشكل قاطع. في المقابل، اتهمت بعثة إيران في الأمم المتحدة إسرائيل بنشر “معلومات كاذبة ومضللة” لتشويه سمعة الجمهورية الإسلامية.
وفي تصريح لحركة “حماس”، قال باسم نعيم، مسؤول في الحركة، إن إسرائيل لديها “تاريخ طويل في الفبركة”، دون التعليق المباشر على الوثائق المسربة.
خطط الهجوم وتأجيلها: “المشروع الكبير”
تشير تقارير نيويورك تايمز إلى أن الوثائق تحتوي على محاضر اجتماعات لقادة “حماس”، بما في ذلك قائد “كتائب القسام” محمد الضيف، ونائبه مروان عيسى، وزعيم الحركة في غزة يحيى السنوار. كانت هذه الاجتماعات تركز على “المشروع الكبير”، وهو هجوم كان من المقرر تنفيذه في خريف 2022، لكنه تأجل لجلب دعم إيراني و”حزب الله” للمشاركة.
وتشير الوثائق إلى أن “حماس” تجنبت التصعيد مع إسرائيل خلال عامين كاملين لتحافظ على عنصر المفاجأة للهجوم الذي وقع في 7 أكتوبر.