الجمعة، ٢٥/فبراير
من بين تهديدات الحكومات الغربية لـ روسيا بحزمةٍ من العقوبات غير المسبوقة التي تستهدف ردع الرئيس فلاديمير بوتين عن غزو أوكرانيا، هناك إجراءٌ بعينه يُثير الذعر” في الكرملين على ما يبدو، وهو فصل البلاد عن النظام المصرفي العالمي “سويفت” SWFT، ويصف البعض هذا الإجراء بـ”الخيار النووي”، كما تقول شبكة CNN الأمريكية.
ومع بدء عملية غزو روسيا فإن هذا الخيار يعود على الطاولة من جديد بالنسبة لصانع القرار الغربي.
وفي تقرير اعده موقع عربي بوست شرح فيه ما هو نظام سويفت وسر القوة التي يوفرها للدول الغربية وخاصة الولايات المتحدة وإلى أي مدى ستضرر روسيا إذا تم استبعادها من نظام “سويفت”.
اقترح مشرعون أمريكيون الشهر الماضي فكرة فصل روسيا عن النظام المصرفي العالمي سويفت، وهو عبارة عن شبكةٍ عالية الأمان تربط بين آلاف المؤسسات المالية حول العالم. بينما رد مشرعون بارزون من روسيا بالقول إنّ شحنات النفط، والغاز، والمعادن إلى أوروبا ستتوقف تماماً في حال اتخاذ هذا الإجراء.
تأسست جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك (سويفت) عام 1973 لتحل محل نظام التلكس.
أكثر من 11 ألف مؤسسة مالية تعتمد على هذا النظام الآن لتبعث رسائل وطلبات الدفع بأمان. وقد أصبح SWFT بمثابة جزءٍ أساسي من التمويل العالمي.
فصل روسيا عن نظام سويفت سيجعل عملية إرسال واستقبال الأموال في البلاد شبه مستحيلة، مما سيصيب الشركات الروسية وعملاءها الأجانب بضربة موجعة وخاصة مشتري صادرات النفط والغاز التي يهيمن عليها الدولار الأمريكي.
في ذات السياق كتبت ماريا شاغينا، الباحثة في مؤسسة Finnish Institute of International Affairs، في ورقةٍ بحثية لمؤسسة Carnegie Moscow Center العام الماضي: “فصل روسيا عن النظام سيقطع كافة المعاملات الدولية، ويُحدث تقلباً في سعر العملة، ويتسبب في تدفقٍ هائل لرؤوس الأموال إلى خارج البلاد”. كما سيؤدي فصل روسيا كذلك إلى انكماش اقتصادها بنسبة 5%، وفقاً لتقديرات وزير المالية السابق أليكسي كودرين عام 2014.
ويقع مقر نظام سويفت في بلجيكا، حيث يدير الجمعية مجلس إدارة يتألف من 25 شخصاً برئاسة إيدي أستانين، الذي يشغل كذلك منصب رئيس مستودع التسوية الوطنية في روسيا. ونظام سويفت هي جمعيةٌ، تصف نفسها بـ”الأداة المحايدة”، تأسست بموجب القانون البلجيكي وعليها الامتثال للوائح الاتحاد الأوروبي.
هناك سابقةٌ لفصل إحدى الدول عن النظام المصرفي العالمي سويفت. إذ تم فصل البنوك الإيرانية عن نظام سويفت في عام 2012، بعد أن فرض الإتحاد الأوروبي عقوباته على البلاد بسبب برنامجها النووي. وقد خسرت إيران نحو نصف عائدات الصادرات النفطية و30% من تجارتها الأجنبية عقب فصلها عن النظام، بحسب ماريا.
بينما قالت الجمعية في بيان لها يوم 2 فبراير/شباط 2022: “نظام سويفت هو عبارة عن جمعية تعاونية عالمية محايدة، تأسست ويجري تشغيلها من أجل تحقيق المنفعة الجماعية لمجتمعها.
وأي قرار بفرض عقوبات على الدول يقع بالكامل على عاتق الهيئات الحكومية المختصة والجهات التشريعية المعنية”.
ما مدى جدية الولايات المتحدة الأمريكية باتخاذ مثل هذا القرار؟
لم يتضح بعد حجم تأييد حلفاء الولايات المتحدة لاتخاذ إجراءٍ مماثل ضد روسيا. حيث ستتكبد الولايات المتحدة وألمانيا أكبر الخسائر، لأن بنوكها هي أكثر البنوك التي تتواصل مع البنوك الروسية بين مستخدمي سويفت-swft وفقاً لماريا.
البنك المركزي حذر الاتحاد الأوروبي المقرضين أصحاب التعاملات الكبيرة مع روسيا، حتى يستعدوا للعقوبات التي ستفرض على موسكو بحسب صحيفة Financial Times البريطانية.
وطلب البنك المركزي الأوروبي من البنوك توضيح الكيفية التي سيتعاملون بها مع مختلف السيناريوهات، ومنها منع وصول البنوك الروسية إلى نظام سويفت.
من جهته قال وزير الخارجية الدنماركي يبي كوفود يوم الإثنين، 31 يناير/كانون الثاني، إنّ الاتحاد الأوروبي جاهزٌ للرد على الغزو الروسي لأوكرانيا بـ”عقوبات شاملة لم يسبق لها مثيل”.
في حين أكد كبير دبلوماسيي الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل يوم الثلاثاء، 1 من فبراير/شباط، إنّ العقوبات ستكون “وسيلة الضغط الأكثر تأثيراً من بين الوسائل المتاحة للغرب، أو الاتحاد الأوروبي على الأقل”.
رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون قال للمشرعين إنّ حكومته تناقش مع الولايات المتحدة احتمالية حظر روسيا من نظام سويفت.
اتخذت روسيا بعض الخطوات في السنوات الأخيرة لتخفيف الصدمة في حال فصلها عن نظام سويفت. إذ أنشأت روسيا نظام مدفوعات بديل خاص بها المعروف باسم نظام SPFS، أو نظام تحويل الرسائل المالية، في عام 2014. حيث اتخذت تلك الخطوة بعد العقوبات الغربية التي فُرِضَت عليها بسبب ضم شبه جزيرة القرم مطلع ذلك العام.
ويمتلك نظام SPFS حالياً نحو 400 عميل بحسب البنك المركزي الروسي. وقد لفتت ماريا أنّ 20% من التحويلات المالية المحلية تجري عبر النظام المحلي، لكن حجم الرسائل محدود، كما أنّ عمليات النظام مقصورةٌ على أيام العمل الأسبوعية.
بينما يمكن أن يمثل نظام المدفوعات البنكية العابر للحدود (نظام CIPS) الصيني بديلاً آخر لنظام سويفت. فضلاً عن احتمالية أن تضطر موسكو للجوء إلى استخدام العملات المشفرة.
لكن هذه البدائل ليست محبذة من وجهة نظر نيكولاي زورافليف، نائب رئيس مجلس الشيوخ الروسي: اذ قال “سويفت هي بمثابة شركة أوروبية، أو جمعية بين عددٍ من الدول المشاركة. واتخاذ قرارٍ بفصل دولةٍ ما يتطلب قراراً موحداً من جميع الدول المشاركة. ولهذا فإنّ قرارات الولايات المتحدة وبريطانيا العظمى لن تكون كافيةً بالتأكيد. ولا أظن أن الدول الأخرى ستدعم القرار، خاصةً تلك التي تتمتع بحصةٍ تجارية كبيرة مع روسيا”.
المصدر: عربي بوست
هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط الكوكيز.