بعد فشل قمة كامب ديفيد، التي أشرف عليها الرئيس الأميركي الأسبق، بيل كلينتون، في محاولة لإنهاء الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، قرر زعيم المعارضة الإسرائيلية آنذاك، أرئيل شارون، إقتحام المسجد الأقصى، الحدث الذي فجر وأطلق شعلة الانتفاضة الثانية.
وفي حينه، رفض أرئيل شارون، الاستماع للتحذيرات الفلسطينية، وأصر على اقتحام الأقصى في 28 أيلول/ سبتمبر 2000. مئات الجنود وعناصر الشرطة الإسرائيلية انتشروا في المسجد الأقصى، لتأمين الاقتحام الحاصل على ضوء أخضر من قبل الحكومة؛ لكنّ مشاعر المصلين لم تحتمل المشهد، فاستخدموا كل إمكانياتهم لإفشال الاقتحام، وانهالوا بما أوتوا من حجارة وأحذية على رؤوس المقتحمين عند باب المصلى القِبلي من المسجد، وأُصيب في ذلك اليوم العشرات من الفلسطينيين وجنود الاحتلال.
في اليوم التالي، اشتدت المواجهات داخل المسجد الأقصى، فاستشهد خمسة مصلين، وأُصيب عشرات آخرون بجراح، وفق توثيق مركز المعلومات الوطني الفلسطيني.
وفي اليوم الثالث، انتقلت المواجهات إلى الضفة الغربية، فاستشهد ستة فلسطينيين في عدة محافظات.
وجاء اليوم الرابع من المواجهات، ليصب الزيت على نار الغضب الفلسطيني، إذ وثق صحافي عملية إعدام جنود الاحتلال للطفل محمد الدرة (11 عاما) في شارع صلاح الدين في غزة.
واندلعت (هبة القدس) والأقصى في الداخل الفلسطيني المحتل في الأول من تشرين الأول/ أكتوبر من العام 2000، عبر الإضراب العام والمفتوح الذي دعت له لجنة المتابعة العليا لشؤون الفلسطينيين في الداخل الفلسطيني، رداً على اقتحام شارون للمسجد الأقصى.
وقد ردت لجنة المتابعة على الأحداث الغاضبة والقمع الإسرائيلي للتظاهرات في القدس المحتلة والأقصى بإعلان إضراب عام ومفتوح، سرعان ما تحول إلى يوم غضب عارم. فقد شل الإضراب العام كافة القرى والبلدات الفلسطينية في (الجليل والمثلث والنقب).
وانطلقت تظاهرات منددة بإنتهاك حرمة الأقصى، سقط خلالها، في اليوم الأول من الأحداث ثلاثة من الشهداء برصاص الشرطة الإسرائيلية وهم: رامي غرة، أحمد جبارين ومحمد جبارين.
وفي الداخل المحتل، زاد سقوط الشهداء والعنف القاتل الذي لجأت إليه قوات الشرطة الإسرائيلية في تفريق التظاهرات، الغضب الفلسطيني. وأعلن مرة أخرى عن إضراب مفتوح. استمرت المواجهات بين شرطة الاحتلال التي استخدمت العيارات النارية، ووحدات القناصة وبين الفلسطينيين حتى الثامن من أكتوبر/تشرين الأول، ليبلغ عدد الشهداء 13 خلال أيام الهبة.
وسقط في اليوم الثاني للهبة كل من أسيل عاصلة، علاء نصار، وليد أبو صالح، عماد غنايم، إياد لوابنة ومصلح أبو جرادات. وسقط كل من الشهيد محمد خمايسي ورامز بشناق في الثالث من أكتوبر، وسقط الشهيدان عمر عكاوي ووسام يزبك في الثامن من أكتوبر.
فارس عودة
من البداية استخدمت سلطات الاحتلال دباباتها في مواجهة المتظاهرين الفلسطينيين، وانتشرت بكثافة صورة الطفل الفلسطيني الشهيد (فارس عودة)، يحمل حجرا مقابل دبابة إسرائيلية، قبل أن ترديه قتيلا.
وبينما اقتصر سلاح الفلسطينيين على التظاهرات وإلقاء الحجارة وإشعال إطارات السيارات في نقاط الاحتكاك مع جيش الاحتلال الإسرائيلي، ردّ الجيش بالرصاص الحي والقذائف.
زاد الاحتلال من وتيرة عنفه ضد الشعب الفلسطيني بشكل لافت، بعد مقتل جندي إسرائيلي على أيدي متظاهرين فلسطينيين في مدينة رام الله، يوم 12 تشرين الأول/ أكتوبر، فأدخل طائرات الأباتشي المروحية، وقصف مقرات للسلطة الوطنية الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وخلال أسبوعين من المواجهة، استشهد نحو 100 فلسطيني، ولم تُجدِ نفعاً محاولات احتواء الوضع المتفجر، بما في ذلك اتفاق على وقف إطلاق النار في 17 تشرين الأول/ أكتوبر من نفس العام.
حصيلة الشهداء
بعد مرور 21 عاما على انطلاقتها، لم تعلن أي جهة نهاية انتفاضة الأقصى، لكن تراجعت حدتها، واقتصرت على هبات محدودة خلال العقدين الماضيين، كان بينها هبتين لأجل القدس والأقصى عامي 2015 و2021.
وبحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فقد استشهد 3712 فلسطينيًا وأصيب عشرات الآلاف منذ مطلع عام 2000 وحتى نهاية 2004، في حين بلغ مجموع شهداء فلسطين 10577 منذ بداية عام 2000 حتى نهاية 2018.
وبين 28 أيلول/ سبتمبر 2000 ونيسان/ أبريل 2017 قدرت مؤسسات رسمية وحقوقية تسجيل نحو 100 ألف حالة (اعتقال)، بينها نحو 15 ألف قاصر.
المصدر: عرب48