اليونان تعزز قوتها الجوية بمقاتلات (رافال) الفرنسية
عندما تصاعدت التوترات خلال الصيف الماضي في مياه المتوسط الشرقي بين تركيا واليونان بسبب المسح الجيولوجي الذي أجرته سفينة تركية «أوروتش رئيس» في مياه تعتبرها أثينا تابعة لها بحثاً عن الغاز، عمدت باريس إلى إرسال عدة طائرات مقاتلة حربية من طراز “رافال”، وهي تعتبر أفضل ما تمتلكه القوات الجوية الفرنسية وفرقاطة حديثة لمساندة اليونان. وكانت حجة باريس أن بادرتها تهدف إلى (تعزيز الاستقرار) في المتوسط.
صفقة مقاتلات رافال فرنسية تعزز قوة اليونان أمام تركيا
وفي وقت لاحق ساهمت قوة مشتركة فرنسية في مناورات متعددة الجنسيات دعت إليها اليونان بمواجهة مناورات عسكرية تركية في المنطقة نفسها. ولم يكن في ذلك الأمر ما يثير الدهشة بالنظر لوقوف باريس، منذ بداية النشاط التركي، إلى جانب اليونان وبمواجهة أنقرة، بحيث تحول هذا الملف إلى أحد أهم مكامن الخلافات السياسية الساخنة التي تتواجه بشأنها فرنسا وتركيا إلى جانب ملفات أخرى مثل سياسة تركيا إزاء أكراد سوريا وتحركاتها في ليبيا وآخرها دعمها اللامحدود لأذربيجان، في حربها في إقليم قره باغ.
صفقة الطائرات بإنتظار مصادقة البرلمان
لذا كان من الطبيعي أن أثينا، التي قررت تعزيز قوتها العسكرية تحسباً لما يمكن أن يأتي به القادم من الأيام، غارفةً من احتياطيها المالي، أن تتجه صوب فرنسا للحصول على متطورة متنوعة، لاسيما الجوية. ومنذ شهر أغسطس (آب) الماضي، كشفت حكومة اليونان عن رغبتها في شراء 18 طائرة من طراز «رافال» تصنعها شركة «داسو للطيران» الفرنسية التي سبق لها أن باعت لليونان طائرات «ميراج». وما كان مقترحاً، سوف يتحول خلال الأسبوع الجاري إلى واقع بعد مصادقة البرلمان اليوناني على مشروع القانون الذي تقدمت به الحكومة لإقراره.
إجماع وطني يوناني لتطوير القدرات القتالية أمام أنقرة
وتفيد بعض المصادر اليونانية بأن هناك أكثرية كافية في البرلمان للمصادقة عليه بالنظر لما يمكن وصفه بـ<الإجماع الوطني>، لضرورة تعزيز قدرات القوات اليونانية القتالية وعدم «الخضوع» أمام تركيا. ورصدت اليونان في ميزانيتها لعام 2021 تمويل صفقة «رافال» ونالت الميزانية أكثرية 158 صوتاً في البرلمان، من أصل 300 صوت.
والصورة المحفورة والراسخة في أذهان اليونانيين عن تركيا أنها «عدوهم التاريخي». وتعود آخر حرب بين الطرفين إلى عشرينات القرن الماضي، حيث خسرت اليونان آنذاك مساحات واسعة من الأراضي شمال شرقي البلاد و تم تهجير مئات الآلاف من اليونانيين من الأراضي التركية.
وكاد البلدين، وكلاهما ينتمي إلى الحلف الأطلسي، أن يدخلا في السنوات الأخيرة في نزاعات مسلحة على خلفية تحديد المياه الإقليمية والمنطقة الاقتصادية الخالصة لكل منهما. وتبلغ قيمة العقد، حسبما ذكرت وسائل الإعلام اليونانية 2.5 مليار يورو، وينص على بيع اليونان 18 طائرة {رافال} منها ست جديدة و12 طائرة حديثة ولكن تم استخدامها «لفترة قصيرة» من القوات الجوية .الفرنسية. ومن المنتظر أن تقوم وزيرة الدفاع الفرنسية فلورانس بارلي، بزيارة أثينا قبل نهاية الشهر الجاري للبحث في تعزيز التعاون العسكري بين فرنسا واليونان بحيث لا يقتصر فقط على السلاح الجوي الذي توليه القيادة اليونانية أهمية خاصة. وتتوقع أثينا تسلم أولى الطائرات الفرنسية قريباً.
محاولات اليونان لشراء طائرات شبحية من الولايات المتحدة
وتسلم مجمل الصفقة مع بداية عام 2022.
بيد أن فرنسا ليست الشريك الوحيد الدفاعي لليونان. ذلك أن التسريبات الحكومية التي وصلت إلى مسامع الصحاف اليونانية تفيد بأن أثينا تسعى كذلك إلى إقناع الولايات المتحدة الأميركية ببيعها عشرون طائرة من طراز «إف 35» الشبح- الخفية. وتجدر الإشارة إلى أن واشنطن أخرجت تركيا من برنامج إنتاج الطائرة المذكورة على خلفية شرائها منظومة صاروخية روسية من طراز «إس 400»،
الأمر الذي أثار مشكلات معقّدة بين أنقرة وواشنطن، وبينها وبين الأعضاء الآخرين في الحلف الأطلسي. وفي ذات السياق، وقّعت أثينا الشهر الجاري، عقداً مع إسرائيل مدّته عشرون عاماً وقيمته 1.8 دولار، تقوم إسرائيل بموجبه، وفق ما ذكرته وزارة الدفاع اليونانية، ببناء مدرسة لتدريب الطيارين اليونانيين.. وتزويد أثينا بست طائرات تدريب إيطالية الصنع من طراز «إم 346»، .وتحديث طائرات التدريب اليونانية وتوفير جهاز محاكاة للطائرات الحربية… كذلك، فإن أثينا وأبوظبي أبرمتا «شراكة استراتيجية» تنص في أحد بنودها على تقديم التعاون المتبادل. وكانت الإمارات قد أرسلت في شهر أغسطس الماضي أربع طائرات من طراز «F16» إلى اليونان، للتعبير عن وقوفها إلى جانب أثينا في مواجهة أنقرة..
من الجدير بالذكر أن تركيا تسعى للتقارب مجدداً مع الاتحاد الأوروبي بما في ذلك مع فرنسا بعد عدة أشهر من التوتر، وبعد أن قررت القمة الأوروبية الشهر الماضي فرض عقوبات على تركيا، بسبب أنشطتها في مياه المتوسط الشرقي واستفزازاتها المتكررة لقبرص واليونان. لذا قد قرر القادة الأوروبيون النظر مجدداً في الملف التركي في قمتهم المرتقبة في شهر مارس (آذار) القادم.
المصدر: وكالات إخبارية